د. ولاء حافظ - أصبحت الجرائم الإلكترونية أحد أشهر أنواع الجرائم في الآونة الأخيرة، بل أسهلها، وقد يؤدي انتشارها في المجتمع إلى كثير من التهديدات، التي قد يصل الأمر بها إلى المساس بالاقتصاد والأمن الوطني، هذا خلافاً عن البعد الاجتماعي المرتبط بالعلاقات الأسرية وتشكيل الخلافات بين أفراد الأسرة، الذي قد يؤدّي إلى التفكك الأسري، بسبب الكثير من النتائج التي تُسبّبها بعض أنواع الجرائم الإلكترونية كالتّشهير ببعض الأفراد، ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعات، وقد تكون باستخدام الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية بشكل خبيث، لتسهيل السرقة والاحتيال. وانتشرت في الأونة الاخيرة مكالمات «التصيد الاحتيالي الصوتي»، وتوريط المتصل به لإجراء تحويلات أو التزويد بمعلومات مالية مهمة. لذلك نسلط الضوء على طبيعة الجرائم الإلكترونية المنتشرة في الكويت، وطرق الوقاية منها، وكان لنا هذا اللقاء مع استاذ القانون الخاص المنتدب بجامعه الكويت، د. عادل بهبهاني، المحامي أمام محكمتي الدستورية والتمييز، وفيما يلي نص اللقاء: 

● ما طبيعة الجرائم الإلكترونية التي تستهدف البلاد؟ ــ نظراً لارتباط التطور التكنولوجي السريع والمتغير والمتجدد بالجرائم الإلكترونية، فإن هذه الجرائم التي تستهدف الكويت هي كذلك ذات طبيعة متنوعة، متجددة ومتغيرة، وتتراوح بين جرائم الجنح وجرائم الجنايات، بحسب العقوبات المقررة لكل جريمة من هذه الجرائم. بعض هذه الجرائم نراها تقليدية منصوص عليها في قانون الجزاء رقم 16/‏1960 والقوانين المكملة له، كجرائم السب والقذف والتهديد بالقتل أو الإيذاء والابتزاز والنصب والاحتيال وجرائم أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، التي تلعب فيها وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في إثبات الجريمة وتشديد العقوبة فيها دون تكوينها، بينما هذه الوسائل المشار إليها، التي تنبثق عن استخدام أجهزة الحاسب الآلي والشبكة العنكبوتية وأجهزة الهاتف المتنقل، أوجدت لنا جرائم مستحدثة متطورة تكنولوجياً في غاية الخطورة على المجتمعات الإنسانية، بسبب استخدامها من قبل الخبثاء سيئي النية أصحاب القبعات السوداء، كما اتفق على تسميتهم. فظهرت لنا الجرائم الإرهابية الإلكترونية، وجرائم اختراق الأنظمة الدفاعية لبعض الدول، وجرائم القرصنة لبرامج الفضاء وأسراره. 

● كيف يتم التعامل قانونياً مع الجرائم الإلكترونية ومرتكبيها؟ - لا شك في أن المشرع حريص على احترام مبدأ حرية الرأي والتعبير، ويدرك تماماً بأنه حق كفله الدستور والقانون والمعاهدات الدولية، لكنه يدرك كذلك بأن هذا الحق وتلك الحرية يجب ألا تتعارض مع الثوابت والمبادئ الدستورية الأخرى المتعلقة بالأمن العام، ومصالح الدولة الداخلية والخارجية العليا. ونظرا لخطورة هذا النوع من الجرائم على النظام العام والآداب، فقد عهد القانون الكويتي رقم 63/‏2015 في شأن جرائم تقنية المعلومات إلى النيابة العامة الاختصاص بنظرها، وبغض النظر عما إذا كانت تنتمي إلى جرائم الجنح أو الجنايات، وعما إذا كانت العقوبة المقررة لها أكثر من ثلاث سنوات أو أقل. 

● كيف ترى الحاجة إلى سن تشريعات تواكب الخطوات الإلكترونية المتسارعة؟ - لا أرى حاجة إلى إصدار المزيد من التشريعات في هذا الصدد، وإنما نرى ان ما تضمنه القانون المشار إليه وافٍ ورادع في عقوباته، وما ينقصه فقط هو صياغة نص مرن يغطي ما يستجد من جرائم تأتي نتيجة للتطور التكنولوجي، وتمنح السلطة التقديرية للمحكمة في تقدير العقوبات المقررة لها، تفاديا للجوء إلى إصدار المزيد من التشريعات أو المزيد من التعديلات على القوانين سارية المفعول حالياً. 

● إلى أي مدى ترى المواطن فريسة لجرائم «السوشيال ميديا» والاختراقات والابتزاز؟ - ثمة تناسب عكسي بين ازدياد ضحايا وسائل التواصل الاجتماعي وقلة الوعي الثقافي لمستخدمي أجهزة الحاسب الآلي والإنترنت، فكلما زاد الوعي الثقافي لدى المواطن والمقيم في طريقة استخدام هذه الأجهزة التكنولوجية المتقدمة ومعرفة إيجابياتها وسلبياتها، قل عدد ضحايا الجرائم الإلكترونية والعكس صحيح. ففي عام 2017 حيث لم يكن المواطنون والمقيمون على علم كاف بالعقوبات المشددة التي تضمنها القانون المشار إليه، بلغت الجرائم الإلكترونية 4096 قضية إلكترونية، منها 965 «سب وقذف»، 1993 «إساءة استخدام وسائل الاتصال»، 250 «ابتزاز» و124 «التحريض على الفسق والفجور»! وبفضل تسليط الضوء على العقوبات المشددة الرادعة التي احتواها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، انخفض عدد الجرائم الإلكترونية في عام 2018 بنسبة %50، وانخفض أكثر في 2019 حتى وصل الى 1800 قضية فقط في 2019. 

● ماذا أفعل إذا تعرضت لابتزاز؟ - في حال تعرض المواطن أو المقيم لعملية ابتزاز إلكتروني أو اختراق، يجب عليه المسارعة بالاتصال على رقم مباحث الابتزاز الإلكتروني للتبليغ عن هذه الجريمة التي حدثت. ومن الأفضل أن تكون جميع الأدلة و البيانات والمعلومات متوافرة لديه، من أجل تقديمها إلى إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وتسهيل عملية القبض على هؤلاء المجرمين، كما يمكنه توكيل محام ليباشر نيابة عنه تقديم البلاغ ومتابعته منذ لحظة تقديمه حتى انتهاء القضية، وذلك بسرية تامة. الإبطاء في عدم تقديم البلاغ من الأمور التي لها نتائج وخيمة على مسار القضية وعلى إمكانية القبض على الجاني. 

أنواع الجرائم الإلكترونية 

1 - جرائم إلكترونية ضد الأفراد هي الجرائم التي يجري الوصول فيها إلى الهوية الإلكترونية للأفراد بطرقٍ غير مشروعة؛ كحسابات البريد الإلكتروني وكلمات السِّر التي تخصُّهم، وقد تصل إلى انتحال شخصياتهم وأخذ الملفات والصور المهمة من أجهزتهم، بهدف تهديدهم بها ليمتثلوا لأوامرهم، وتسمّى أيضاً بجرائم الإنترنت الشّخصية. 

2 - جرائم إلكترونية ضد الحكومات هي جرائم تهاجم المواقع الرسمية للحكومات وأنظمة شبكاتها، وتُركّز على تدمير البنى التحتيّة لهذه المواقع أو الأنظمة الشبكية بشكلٍ كاملٍ، ويُسمّى الأشخاص المرتكبون لهذه الجريمة بالقراصنة، وغالباً ما تكون أهدافُهم سياسيّة. 

3 - جرائم إلكترونية ضدّ الملكية هي جرائم تستهدف المؤسسات الشخصية والحكومية والخاصة، وتهدف الى إتلاف الوثائق المُهمّة أو البرامج الخاصة، وتتم هذه الجرائم عن طريق نقل برامج ضارة لأجهزة هذه المؤسسات باستخدام الكثير من الطرق كالرسائل الإلكترونية. 

4 - الجرائم السياسية الإلكترونية هي جرائم تستهدف المواقع العسكرية للدول بهدف سرقة معلومات تتعلق بالدولة وأمنها، وفق ما ذكرت مواقع أمنية متخصصة. 96 مليار دولار.. حجم الإنفاق على أمن المعلومات تسببت الهجمات الإلكترونية وعمليات القرصنة، التي اجتاحات العديد من دول العالم، في أن يقفز حجم الإنفاق على أمن المعلومات إلى نحو 96.3 مليار دولار خلال العام الماضي فقط، بزيادة بلغت نسبتها نحو %8 عن حجم الإنفاق خلال العام قبل الماضي، وفقاً لمؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «غارتنر».

 6 تريليونات دولار.. خسائر سنوية من 2019 توقعت مجلة سايبركرايم ماغازين، المتخصصة في الجريمة الإلكترونية، أن ترتفع خسائر العالم من 3 تريليونات، منذ عام 2015، لتصل إلى 6 تريليونات سنوياً في عام 2021.

 مخاطر الجرائم الإلكترونية 

1 - انتشار الجريمة الإلكترونية قد يؤدي إلى خلل عام يهدد المجتمع كله في اقتصاده وسيادته وأمنه الوطني. 

2 - التفكك الأسري والخلافات بين الأفراد بسبب التشهير أو إشاعة الأخبار الكاذبة وسرقة الملفات الخاصة بالأفراد ونشرها في الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. 

3 - المساس بالاقتصاد والأمن الوطني وتهديده. 

أدوات الجريمة الإلكترونية 

1 - برامج نسخ معلومات الانترنت كوسيط لتنفيذ الجريمة. 

2 - خطوط الاتصال الهاتفي التي تستخدم لربط الكاميرات ووسائل التجسس. 

3 - أدوات مسح الترميز الرقمي – الباركود. 

4 - الطابعات وأجهزة المحمول والهواتف الثابتة. 

5 - البرامج المتسللة والمدمرة.